الأكيد الأكيد أن ما يحصل في الشارع منذ أيام من قطع للطرقات وإحراق للإطارات وحركات إحتجاجية هو صرخة وجع بوجه المسؤولين كل المسؤولين عما وصلنا اليه من إنهيار مالي وإقتصادي. والأكيد الأكيد أن ما نشهده منذ أيام من تحركات، هو من صنيعة أحزاب منها من ترك السلطة منذ فترة وجيزة ومنها من لا يزال فيها بمراكزها ومواقعها، وما يجمع هذه الأحزاب هو تصفية حسابات مع أحزاب سياسية أخرى.
الأكيد أن سعر صرف الدولار الذي تخطى العشرة آلاف ليرة كافٍ لوحده لإحداث إنتفاضة حقيقية لكن المؤكّد أيضاً أن المجموعات الأساسية والفاعلة في إنتفاضة 17 تشرين الأول 2019 لا تشارك بالتحركات الإحتجاجية وبقطع الطرقات. لماذا؟.
لأن هذه المجموعات لا تريد الإنجرار وراء تحركات حزبية وطائفية، وليست في وارد إعطاء هذه الأحزاب الزخم الذي تريده من خلال تحركاتها. وهنا يقول مصدر بارز في مجموعات 17 تشرين الاول 2019، "هناك تحركان مرتقبان لمجموعات "الثورة"، الأول يتضمن مسيرة في الثامن من آذار المقبل من متحف بيروت الى ساحة الشهداء بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، وقد دعت لهذه المسيرة مجموعات فاعلة في "الثورة" ومنها لـ"حقي" و"بيروت مدينتي" و"عامية 17 تشرين" و"عن حقك دافع" و"هوا تشرين" و"حزب الكتلة الوطنية" و"لبنان ينتفض" و"منتشرين" و"شباب 17 تشرين" ومجموعات أخرى، أما التحرك الثاني فموعده في الثاني عشر من آذار وفيه ستنطلق مسيرة من أمام وزارة الداخليّة في الحمرا بإتجاه مجلس النواب مروراً بجمعية المصارف ووزارة الإقتصاد، والشعارات التي سترفع في هذا التحرك ستتركز على المطالبة بنظام علماني ديمقراطي وبـ"لا مركزيّة إدارية وإقتصادية موسعة" وبالدفاع عن العيش الكريم والحر والآمن وبقضاء نزيه ومستقل.
قد يكون هناك بين المشاركين في تحركات قطع الطرقات إحتجاجاً على سعر صرف الدولار من ينتمي الى مجموعات "الثورة"، لكن ذلك وإن حصل فهو نتيجة قرار فردي ومن دون أيّ دعوة من قبل مجموعاتها.
من الأسباب التي جعلت مجموعات الإنتفاضة تحسم أمرها لناحية عدم المشاركة في تحركات قطع الطرقات، هو نزول أشخاص الى الشارع غير معروفة من قبل المجموعات المنظمة ضمن الإنتفاضة، والخوف من أن تجرّ هذه غير المعروفة التحرك الى اجندات قد لا تحمد عقباها.
إذاً، ماذا يحصل في الشارع؟ أحزاب تثور على بعضها البعض أم ثورة حقيقية؟ تصفية حسابات أم صرخة وجع من الدولار والكهرباء ونسب البطالة والأسعار الخيالية للمواد الغذائية والدواء المقطوع والمهرب الى سوريا؟. ثورة حقيقية أم أجندات حزبيّة قد تسحب عند تحقيقها المحتجين من الشوارع؟.
أسئلة تطرحها مجموعات "الثورة"، من هم في الشارع، ومن هم في منازلهم؟. أسئلة تطرحها القوى الأمنية ولديها بالتأكيد أجوبة كثيرة موجودة في تقاريرها. بالتأكيد ما وصلنا اليه من إنهيار وخسارة أموال المودعين، من الطبيعي جداً ان يفجّر ثورةً ولكن حقيقيّة.